أين انت يا أبي؟
استيقظت فجأة في نتصف ليلة شتوية باردة، حاولت أن أتذكر مكان النافذة التي تمطرني بهذا الهواء البارد و لكني عجزت و شعرت بعدم يقيني بأني مستيقظ!
عفوا و لكني أحرك يداي سأنادي أبي لعله يجيب و قبل أن يرتفع صوتي، رأيت يخرج من الحمام متوضئا و اذا به يمر بالغرفة و كأنه لا يراني!
شعرت بالحيرة و من حيرتي خلدت إلي النوم مرة أخري!
عدت من العمل في مساء يوم آخر و اذا بسؤال يرتطم بذاتي فيرجها رجا.."أين أبي؟" أراه كل يوم عند الفجر ذاهبا للصلاة بالمسجد و لا يحدثني! أحزين مني أم ماذا؟ حاولت أن أرفع عقيرتي و أناديه و اذ بر آراه أمامي بوجهه البشوش. اجتاحني الارتياح و تيقنت أنه يحاول التركيز تلك الأيام علي قراءة واحدة من ذخائر كتبه فذهبت للنوم.
بعد أسبوع بينما أنا عائد إلي البيت مترجلا و أحدث مديري داهمني شعورا غريبا و سئلت نفسي مرة أخري:
"أين أبي؟" لم آراه منذ أيام و لا يرد علي عندما أطرق باب حجرته المغلق دائما.
أسافرت يا أبري و تركتني؟ أحتاج اليوم إلي كلماتك المطمئنة و ثقتك اللامحدودة فيّ رغم العقود التي تفصل بيننا فاليوم سأرتقي درجة في سلمي الوظيفي.
داهمني القلق و احتواني فلم أر الكون من حولي حتي عدت إلي سريري. اليوم الثامن من يناير أظنه من تلك الأيام الحزينة في حياتي لا أعلم لمَ؟ انتزعني هذا الحزن المتدفق من النوم و شعرت برغبة عارمة في أن أفرغ محتويات درج كتبي ففتحتها و أنا نصف نائم و اذا بالساعات و الأيام و الشهور تتوقف عندما رأيت شهادة السجل المدني المميكنة ذات اللون الأرجواني!
صرخت و صرخت و لا أعلم هل تجاوزت صراخاتي ذاتي أم ارتدت من الفضاء إلي عقلي...
أنهكتني مشاعري و ضاعت مني الكلمات و رأيته يقول لي:
"أمات أبوك ؟
ضلال .. انا لا يموت أبى
ففى البيت منه ..
روائح رب وذكرى نبى"
ضلال .. انا لا يموت أبى
ففى البيت منه ..
روائح رب وذكرى نبى"
No comments:
Post a Comment